نورا رحال فنانة لبنانية سورية متعددة المواهب، خاضت تجربة التمثيل في بداية مسيرتها الفنية، وحققت شهرة واسعة، وأثبتت نفسها في الدراما والسينما. أطلقت نورا رحال العديد من الأغاني بصوتها الدافئ، والتي حققت نجاحاً كبيراً.
غابت نورا رحال عن الأضواء لفترة عن الفن، وعادت بعدها بقوة بأعمال عديدة، كان آخرها مسلسل "القدر".
موقع الفن أجرى هذه المقابلة مع نورا رحال، تحدثت فيها عن مشاركتها في مسلسل "القدر"، وإصابتها بالسرطان، وعن نظرتها إلى الحياة بعد هذه التجربة.

كيف تصفين مشاركتكِ في مسلسل "القدر"، وهو أول دراما تركية مُعرّبة لكِ؟

كانت تجربة جديدة بالنسبة لي، ولم أشاهد المسلسل الأصلي. تعاملت مع النص والشخصية كما أتعامل مع أي عمل آخر، ولكن ما كان مختلفًا هو أننا كنا نصوّر ونعرض الحلقات في الوقت ذاته، ما جعله أحد أسرع الأعمال التي نُفّذت. المسلسل كان يُكتب، يُصوَّر، ويُعرض في نفس الوقت، وكان من الضروري إنهاء عرضه قبل شهر رمضان. بالنسبة لي، كان العمل أقرب إلى الارتجال، فكان تجربة جديدة، غريبة ومميزة، ولكن الحكم النهائي يبقى للجمهور.

كيف كان تعاملكِ مع الممثلين قصي خولي، ديمة قندلفت، فارس ياغي وبيار داغر، وبقية فريق العمل؟

معظم الممثلين أصدقائي، وننتمي إلى بيئة واحدة، لذا كان التعامل سلسًا للغاية. كنتُ أكثر قربًا خلال العمل من بيار داغر، رانيا سلوان، رندة كعدي وحسن عويتي، إذ كنا نقضي أوقاتنا معًا ونتشارك تفاصيل الأيام. كما استمتعتُ كثيرًا بالعمل مع ميلاد يوسف، فهو صديق طفولتي، وكان من الرائع أن ألتقي به مجددًا. أما قصي خولي، فهو فنان يتمتع بحرفية عالية، والعمل معه سهل للغاية. كذلك، فوجئت بأداء رزان جمال، فقد أعجبني كثيرًا، وعلى المستوى الشخصي، وجدتها إنسانة لطيفة جدًا. ديمة قندلفت من أعز صديقاتي، والتعامل مع كل فريق العمل، بوجود أدهم مرشد كمدرب تمثيل، كان تجربة ممتعة.

هل تعتبرين شخصية "ريما"، التي جسدتها في "القدر" مجرد ضحية ومظلومة، أم أنها ضعيفة الشخصية أيضًا؟

شخصية "ريما" كانت أكثر ما أزعجني أثناء العمل، فهي ليست فقط محبوبة، بل ضعيفة للغاية، وتعاني من مشاكل نفسية دفعتها إلى العلاج في فترة من حياتها. لذلك، كان تجسيدها مرهقًا بالنسبة لي. لا أعتقد أن فتاة تبلغ 25 عامًا، يمكن أن تبقى متمسكة بحبها الأول، من دون أن تفتح قلبها لأي شخص آخر، فكان ذلك مبالغًا فيه. كما أن شخصيتها ليس لديها اهتمامات، لا أصدقاء، لا عمل، فهي تعيش حياتها فقط بين المسلسلات ووسائل التواصل الاجتماعي، وتتميز ببراءة تجعلها تصدّق الكذب الذي يُقال لها. رغم ذلك، تعاطفت معها، لأن هناك الكثير من النساء اللواتي ينشأن في بيئات مريحة، وبمجرد ارتباطهنّ برجل، يصبح محور حياتهنّ بالكامل.

هل هدوء "ريما" يشبه شخصيتكِ الحقيقية؟

ما يجمعني بـ"ريما" هو أنها مثلي وحيدة بين شابين، كما أنها أم لشاب وحيد، بينما أنا لدي إبنان شابان. ولكن إن جمعت بين شخصيتيهما، فسيكونان أشبه بشخصية فارس ياغي. أما من ناحية الهدوء، فأنا أمتلك هذه الصفة، ولكن ليس بنفس الدرجة، فأنا أكثر حركة من "ريما"، وأجد دائماً شيئاً أفعله، كما أن حياتي الاجتماعية ناشطة، لذا لا يوجد شبه كبير بيني وبين "ريما".

كونكِ جسدتِ دور شقيقة "زيد" في المسلسل، هل تعتقدين أن علاقته بـ"نور" صحيحة في الواقع؟

علاقة "زيد" و"نور" كانت نتيجة طبيعية لتطور الأحداث، فالبشر يشعرون ببعضهم البعض، ويلتقون في ظروف معينة. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك طفل، وهو ابن "زيد"، ما جعل العلاقة تتطور بشكل شخصي. لذلك، أجد لهذه العلاقة مبررًا، أما الحكم على صحتها أو خطئها، فهو متروك لكل مشاهد ليضع نفسه مكان الشخصيات ويتأمل الأحداث، وهذا هو دور الدراما، أن تجعل المشاهد يفكر ويتفاعل مع القصة.

بعد إصابتكِ بمرض السرطان وتعافيكِ منه، كيف أثّرت هذه التجربة على نظرتكِ إلى الحياة؟

الإصابة بالمرض جاءت في وقت مبكر بالنسبة لي، إذ كنتُ في الخامسة والثلاثين من عمري، ولكنني استوعبت الأمر وتعاملت معه، وكل شيء مرّ بسلام. هذه التجربة جعلتني أدرك أن كل يوم نعيشه هو هدية إضافية لي، وعززت إيماني بأن الإنسان يجب أن يستمتع بحياته ويقوم بأعمال جيدة، فالحياة جميلة في كل حالاتها. كما جعلتني أقدّر كل شيء أكثر، وأولي اهتمامًا كبيرًا لصحة الإنسان، لأنها الأهم على الإطلاق، فالمهنة والشهرة والماديات لا توازي قيمة الصحة أبدًا.

بين الحين والآخر، تظهر شائعات حول اعتزالكِ، فهل هناك موقف معين قد يجعلكِ تتخذين هذا القرار؟

لم أفكر يومًا في الاعتزال، فأنا ضدّ هذه الفكرة تمامًا. أؤمن بأن الإنسان عندما لا يريد العمل، يمكنه أخذ استراحة، ولكن في النهاية، يعود إلى شغفه، خصوصًا نحن الفنانين، فالفن يجري في دمائنا. مهما ابتعدتُ عن التمثيل، أشتاق إليه، لذا، الأمر متعلق فقط بالظروف، إن كانت مناسبة أعمل، وإن لم تكن، أبتعد قليلًا. كما أن أحد أسباب اختياري للتمثيل، هو أنه لا يرتبط بعمر معين، على عكس الغناء الذي قد تكون له فترة زمنية معينة.

معظم أعمالكِ التمثيلية كانت في سوريا، ما سبب غيابكِ عن الدراما اللبنانية؟

من الطبيعي أن أشارك في الأعمال السورية، لأن انطلاقتي كانت من سوريا. ولكن في الواقع، لستُ غائبة عن الدراما اللبنانية، بل السؤال الأصح: ما سبب غياب الدراما اللبنانية عني؟

تشهد الدراما اللبنانية حاليًا منافسة قوية، فهل لديكِ رغبة في المشاركة في مسلسل لبناني بحت؟

بالتأكيد لدي رغبة في ذلك، وبخصوص اللهجة يمكن ضبطها بسهولة، فأنا أقيم في لبنان منذ 30 عامًا، ووالدي لبناني. الأعمال اللبنانية بدأت تثبت نفسها بقوة، ورغم أن الأعمال المشتركة كانت تصل إلى الجمهور بشكل أكبر، إلا أن الدراما اللبنانية اليوم أصبحت تحقق الانتشار ذاته الذي تحققه الدراما السورية.

لماذا تأخر ظهوركِ في بطولة مطلقة؟

البطولة المطلقة تكون دائمًا للقصة، فهي التي ترسم الشخصيات. كمشاهدة، أرى أن جميع الممثلين في أي عمل هم أبطال. أما ترتيب الأسماء على الشاشة، فهو مسألة تسويقية تتعلق ببيع العمل. في بداياتي في سوريا، قدّمتُ بطولات مطلقة في السينما، والمسرح والتلفزيون، ولكن خلال السنوات الأخيرة، انخفض حجم الإنتاج، وبعض الأعمال التي شاركت فيها لم تُشاهد. بالنسبة لي، لا مشكلة لدي في ترتيب الأسماء، وما يهمني هو حجم الدور ومدى ملاءمته لي، حتى لو كنت ضيفة في حلقة واحدة فقط.

سبق لكِ الجمع بين التمثيل والغناء في بعض الأعمال، فهل سنراكِ في تجربة مماثلة قريبًا؟

الغناء داخل الدراما من أكثر الأمور المحببة لي، وقد سبق أن خضتُ هذه التجربة في مسلسل "كوم الحجر" ومسلسل "هوى بحري"، وكانت تجربة جميلة جدًا. أتمنى أن تتاح لي فرصة أخرى لدمج التمثيل بالغناء، فهذا النوع من الأعمال هو المفضل لدي.

لم تصدري أي أغنية خاصة منذ سنوات، فهل قررتِ ترك الغناء والتركيز على التمثيل؟

أطلقت خلال السنوات الماضية بعض الأغنيات، ولكني لم أقرر ترك الغناء، إلا أنه في بعض الأحيان، تفرض الظروف نفسها. الغناء هو دائمًا خيار مطروح بالنسبة لي، وعندما أجد الأغنية المناسبة وأكون قادرة على تنفيذها، سأطلقها حتماً، وهناك احتمال أن أطلق أغنية جديدة قريبًا.